إلى القارئ الكريم

هشام عبد الملك يكتب : ها نهرر هلايب وشلاتين!!

 

ألقى الرئيس المصري الراحل محمد أنور الساداتي (وهو إسمه الأصلي)، واحدا من أوضح خطاباته السياسية، في أعقاب توقيعه إتفاقية كامب ديفيد، التي أخرجت مصر من الصراع العربي الإسرائيلي، أعلن فيه صراحة، أنه لن يرسل أية قوات خارج مصر، إلا إلى السودان والصومال!!
وقد لخص ذلك الخطاب التاريخي فهم السادات العميق للتهديدات المستقبلية التي سوف تواجه بلاده، وهي تحديدا حرب المياه، وحاجته لعمق إستراتيجي حقيقي، ونقطة إرتكاز صلبة تستطيع أن تعمل منها قواته في مواجهة الأخطار التي تحدق بنهر النيل من رافده الرئيسي!!
المفكر الإستراتيجي السوداني الراحل، العميد أحمد عبد الله حامد، رحمه الله، نقل إلى من مصادره عند ما كان ضابطا بجهاز أمن نميري، أن الرئيس الأثيوبي الأسبق منغستو هيلامريام، تحدث إلى السادات بخصوص عملية عسكرية محدودة، يقوم بها جيشه داخل السودان، لكبح جماح الثورة المضادة التي كانت تنشط في الشرق ضد حكومته، فقال له السادات، والعهدة على الراوي، أنه سوف يرد بمليون طلقة، على أية رصاصة إثيوبية، تطلقها قواته داخل الأراضي السودانية، هذا والله أعلم.. فالرجل في ذمة ربه، وأشهد الله على صحة كل كلمة نقلتها عنه!!
الذي حدث بعد ذلك، أن الصوماليين دخلوا في حرب أهلية طاحنة، ولم يعد الصومال مهيأ لإستقبال أية قوات مصرية على رماله المتحركة، ورحل السادات، ولحق به النميري بعد أربع سنوات، ودعمت مصر إنقلابا عسكريا في السودان بعد أربع سنوات أخرى، مارس فيه الدكتور حسن الترابي عبقرية دوخت المخابرات المصرية، وحولتها إلى عجينة طرية، شكلها كيف أراد، لتثبيت مغامرته العسكرية، مستفيدا من وجود نميري في القاهرة، ورغبته العارمة في العودة إلى كرسي الحكم، أو على الأقل، الشماتة في ثورة أبريل التي أطاحت به، عسى ولعل أن يستعيد بها بعضا من ماء وجهه أمام أصدقائه.. وبقية القصة معروفة..
المعروف عن المصريين عقيدتهم القوية في الساداتي، الذي يصفونه بأنه (صائع)، أي (واقع من السماء سبع مرات)، ولكنهم لم يدركوا حتى الآن أن الدكتور حسن الترابي هو الذي (زقاهو)!! كما أن الرئيس الراحل حسني مبارك (راجل طيب وعشان كده إنضحك عليه)، كما قال لي أحد المصريين.. والدكتور حسن الترابي، كان مهذبا كأي سوداني، عند ما قال إن المصريين يعتبرونا بربرا، ولم يقل عبيدا، وفقا لواقع الحال، لذلك لا يأبهون بنا..
الغفلة الكبيرة، هي أن النظام المصري الحاكم الآن، فرط في السودان، واكتفى منه بمثلث حلايب الحدودي، ظنا منه أن البواب النوبي أمره سهل، هذا إذا نشأت حاجة فعلية إليه.. خاصة وأن ثلاثين عاما من سوء حكم وفساد الكيزان، وقلة قيمة بعض قادة الأحزاب المعارضة، أرسلت إشارات خاطئة إلى مراكز جمع وتحليل المعلومات، وضللت بالتالي صانع القرار السياسي المصري!! وقد حدثني أحد قادة التجمع الديمقراطي الذي قاد إنتفاضة أبريل، أن السفير المصري في السودان وقتئذ، كان ضابط مخابرات إسمه الشربيني، أرهقهم إرهاقا شديدا، ورفض تماما أن يستمع لرأيهم حول حقيقة التوجه الفكري للإنقلابيين، إلى أن وقعت الفأس على رؤوسنا ورؤوسهم..
آخر الكلام..
تخيلوا أن يخرج السفيه عمرو أديب، الذي تربي وسط ممثلات وراقصات السينما المصرية، ليستخف بعقولنا لدرجة أن يقول إن البرهان يستطيع أن يحتل إثيوبيا في 48 ساعة!! طيب، كم نحتاج من الوقت يا شاطر (لنهرر هلايب وشلاتين؟؟) على رأي الآرتيست أحمد آدم!!
آه يا أولاد…..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى