القصة ومافيها

النور عادل يكتب : قلنا لهم لا تفتحوا هذا الباب فيغلبكم

-حذر العقلاء من بداية الفترة الانتقالية النظام الانتقالي الجديد من فتح جبهات الثالوث العظيم في الفكر والثقافة والهوية، وهو ما يمثل نقطة التقاء جامعة للغالبية العظمى من مسلمي البلاد بكل طوائفهم بمن فيهم الاسلامويين السلطويين، وان هذا الباب لو انفتح فلسوف تستنزف الحكومة المشكلة من اقليات يسارية وليبرالية اشد الخسارة، ولكن ماذا حدث؟ فتحوه ولم ولن يستطيعوا له سدا.
-اجزم هنا أن هناك قلة نافذة مشبعة بالفكر ومهجوسة بالتغيير الثقافي الجذري تختطف القرار داخل كابينة السيد رئيس الوزراء حمدوك، فئة لا تبالي بمعاش الناس وملحهم ودقيقهم وزيتهم وسكرهم وكهرباءهم، لكنها جزعة من ثقافتهم الدينية وموروثاتهم العرفية، وتريد أن تقطع عنهم الكهرباء وتعلمهم بنفس الوقت معنى احترام حقوق المرأة في الاتفاقيات الدولية، والمرأة السودانية نفسها تعاني من قطوعات الكهرباء باكثر من شوقها للتعرف على الاتفاقيات الدولية وجدلها اللامحتمل.

هناك فئة متسلطة في التعليم والعدل والثقافة تريد أن ترى سودانا علمانيا افريقانيا ولو في قلب الظلام وبؤس الخدمات، فالفكر عندهم مقدم على معاش الناس وحقوقهم، والا لما يستميت وزير العدل في تغيير قوانين الشعب الهوياتية الثقافية بأكثر من استماتته في احقاق العدالة للشهداء والجرحى والمفقودين؟

وثالثة الاثافي الان معركة الرأي والفعل الثقافي الحر المستقل، كيف أن دولة ونظام كامل بات منزعجا من مجرد ست دقائق درامية ويسخر بنفس اسلوب الكيزان القميء كتائب إلكترونية ضد الاخر الذي عبر عن رايه بكل رقي وروعة فنية، فهل هذه دولة الحرية الجديدة؟ ام دولة الشلة النزقة التي تريد خوض حرب لا طاقة لها بها؟!

-لاكتر من نحو خمسين سنة وزيادة الدراما العربية تنمط الإنسان المتدين وتصوره على انه وحش كاسر متعطش للدماء والجنس ومتناقض ومشوه نفسيا… وتمجد السلطة وتسبح بحمد العسكر والقومية والعروبة والوطن الخيالي الجميل على الشاشة، الكئيب والموحش وغير الامن على الواقع بالنسبة لكل صاحب دين وفكر ومبدأ.

-لاكثر من نحو خمسين عاما بات هنالك تواطؤ بين الأدباء العرب قاطبة وبعض المستغربين والمستشرقين على جعل شرط نجاح اي عمل ادبي هو النيل من الشخصية المتدينة، او الاعراف والتقاليد الاجتماعية كافة، فلا مجال لظهور وعلو عمل رصين مالم يتحقق الشرط المضمر ولو بالحد الأدنى جعل العمل إباحي فج ولو بما يتنافى مع شرط التوظيف الفني للفعل الجنسي.

-نقرات سريعة على الدراما الرمضانية عشر سنوات للوراء تجدها كلها منابر للرأي الليبرالي المتطرف ضد كل ما هو مسلم أو عرف اجتماعي لا يخالف الشرع ولا العقل والذوق السليم.

-من يحدثوننا عن الحياد الدرامي وحياد الفعل الثقافي الادبي اليوم والبارحة، والمسافات الواحدة من الايدولوجيا، نسألهم ألم تقرأوا لعبدعزيز بركة ساكن وهو في اغلب إن لم يكن جميع أعماله ينمط ويعزز التمييز العنصري ضد العرب والمسلمين، ويصورهم بكل نقيصة وسوء، بل ويذهب وينصب نفسه إلها في احد اشهر اعماله (مسيح دارفور) ويجزم في بداية صفحاتها ب (لن يدخل ملكوت الله جنجويد حتى يلج الجمل في سم الخياط) والجنجويد يا سيدي هم من اهل دارفور وتحديدا يوصفون بعرب دارفور.

ألم تقرأوا للدكتور أبكر ادم اسماعيل (الطريق إلى المدن المستحيلة) و (جدلية الهامش والمركز) وكيف جعل اس البلاء هو بسبب أبناء النيل والوسط وبرأ النخبة الأفريقية من كل تبيعة وهو الدارس للتاريخ المثابر على كشف اغواره. ألم تقرأوا للباقر عفيف في كتابه (وجوه خلف الحرب) وهو يشن الحملة حتى على العلامة الطيب صالح – قدس الله روحه- ويرميه ببرود بأنه احد اركان العنصرية العربية في السودان بمزاعم ضحلة ظنية باردة.

-يا سادة منذ فجر الاستقلال واليسار يغني بمضامين الاشتراكية والعدالة الاجتماعية والإخاء ويعلي قيمة العمل وزملان الشقا الجا من الجريف والجا من الجبل. ولا احد قال بغم وأنه عار عليهم ان يستخدموا الفن ويخلطوه بالفكر.

-صحف ومواقع إلكترونية وقنوات يوتيوب ومراكز بحوث ودراسات ومنظمات وهلما جرا من المتبطلين باسم الفن والمزاج الفني كلهم يستخدم الفن والدراما والشعر والقصة كممسحة للآخر وفرشاة لرسم دولة اليوتوبيا التي ترواده.

ايييييييه (يا زمن وقف شوية واهدي لييييي لحظات هنية..يا زمن..وبعدها شيل باقي عمري شيل باقي عمري شيل شبابي وشيل عيني) اييييه يا بنت النيل لله درك يا بلبل غريد وسط محطة ركشات القونات الجدد!!

-والحاج وراق الرجل المحترم المتفرد تعاديه فكرا لكنه يجبرك ان تحترمه إنسانا بمعنى الكلمة، قبل سنة ونيف في ندوة في التيار يقول: انا مستعد اقاتل عشان عبدالحي يقول كلامه طالما مجرد كلام ورايه.

-والآن ماذا؟ ست دقايق دراما عادية جعلت تروتسكي يقلب لينين، وجعلت (حنة ارندت) ملعونة من جميع مجاميع اليهود والصهيونية في العالم شان بس تجرات وقالت بسخريتها الالمانية الجميلة من حق الفلسطيني ان يعيش ويكون له وطن في فلسطين طالما هو يعمل ويبني بالتساوي مع اليهودي وغيره.
ست دقايق خلت حمامات العمل الطوعي والإنساني الان اشبه بضباط الأمن السياسي في المعتقلات لما تشرفهم اول مرة يقرأ عليك ملفك كامل ويبحث وراك من يوم ولدوك لغاية ما شرفته في التلاجة.
-هؤلاء الناس يستحيل يكونوا ديمقراطيين في يوم من الايام، والان فقط بات الواحد منا على مضض يحمد الله أن العسكر على علاتهم وفسادهم لم يسلموهم السلطة كاملة، كان زمانه (فضيل) معمول أقاشي ولا شنطة ايد لناشطة فاهمة انه الحرية كل الحرية في خلع الطرحة في ساحة اتني… احا!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى