الشرق الأوسط

هل تنجح توصيات الآلية الوزارية لـ«جوار السودان» في حل الأزمة؟

خطة عمل من 3 مراحل لحل الأزمة

 

رئيس تشاد محمد إدريس ديبي خلال استقباله وزراء خارجية دول جوار السودان على هامش اجتماعهم الأول في نجامينا (الرئاسة التشادية)

رئيس تشاد محمد إدريس ديبي خلال استقباله وزراء خارجية دول جوار السودان على هامش اجتماعهم الأول في نجامينا (الرئاسة التشادية)

بينما تتواصل المواجهات المسلحة في المدن السودانية، بين الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع». أقرّ وزراء خارجية دول جوار السودان خطة عمل من 3 مراحل لحل الأزمة في السودان، تشمل «التوصل إلى وقف (دائم) لإطلاق النار، وتنظيم (حوار شامل) بين الأطراف السودانية، وإدارة القضايا الإنسانية»، وسط ترقب سوداني وإقليمي لمدى قدرة دول الجوار على «التواصل مع طرفَي الصراع، وضمان إنجاح تلك الخطة على الأرض».

وكان وزراء خارجية دول جوار السودان، إضافة إلى الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية بصفة مراقبين، قد عقدوا في العاصمة التشادية؛ نجامينا، (الاثنين)، الاجتماع الأول للآلية الوزارية المعنية بتدارس الأزمة السودانية للبحث عن «حلول قابلة للتنفيذ»، وذلك تنفيذاً لتوصيات «قمة دول جوار السودان» التي استضافتها القاهرة في 13 يوليو (تموز) الماضي، التي أقرّت إنشاء آلية اتصال يقودها وزراء خارجية الدول المشارِكة «تتولى بحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل واستقرار السودان».

اجتماع الآلية الوزارية لدول جوار السودان (الخارجية المصرية)

الخطة الثلاثية

وأوضحت التوصيات التي خرجت عن اجتماع وزراء الخارجية، مساء الاثنين، أن «الخطة الثلاثية» المقترحة ستعرض على رؤساء الدول والحكومات لاعتمادها، بالإضافة إلى الآليات القائمة من الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد). وأشار البيان الختامي إلى أهمية الاتصالات المباشرة والمستمرة مع «المتحاربين» من أجل تحديد الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، و«وضع حد لتدمير أرواح الأبرياء والبنى التحتية، والسماح بتشغيل المؤسسات الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والبنوك وغيرها».

وأعرب الوزراء عن الحاجة الملحة لإبقاء الممرات الإنسانية مفتوحة لمساعدة الأشخاص المعرضين للخطر، داعين طرفَي النزاع في السودان إلى «تسهيل تقديم المساعدة إلى المدنيين وفقاً للقانون الدولي الإنساني». ونبه البيان الختامي إلى «ضرورة إنشاء مستودعات إنسانية في دول الجوار لنقل الإغاثة السريعة والرعاية الطبية للضحايا داخل السودان». ونوه البيان إلى اتفاق الوزراء على الاجتماع في نيويورك على هامش الدورة العادية المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل.شكري خلال الاجتماع الأول للآلية الوزارية لدول جوار السودان بالعاصمة التشادية (الخارجية المصرية)

وزير الخارجية المصري

من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن خطة التحرك لحل أزمة السودان «تشمل المكونات الأمنية والسياسية والإنسانية»، لافتاً إلى أن الخطة «استغرقت وقتاً لبلورتها من خلال التشاور بين الدول الحاضرة لهذا الاجتماع». وأوضح شكري، في تصريحات متلفزة (مساء الاثنين)، أن البيان الختامي للاجتماع الأول للآلية الوزارية المنبثقة من قمة دول جوار السودان، أعاد تأكيد مبادئ «قمة دول جوار السودان»، التي انعقدت في القاهرة، واصفاً خطة التحرك بأنها «متكاملة، وتتضمن كل العناصر المرتبطة بالأزمة في السودان».

وأكد رئيس حزب «التحالف السوداني»، القيادي بالمجلس المركزي لقوى «الحرية والتغيير»، كمال إسماعيل، قدرة دول جوار السودان على «إحداث اختراق في الأزمة السودانية الراهنة»، مشيراً إلى «امتلاك تلك الدول الإرادة السياسية، والقدرة الفنية والدبلوماسية على تحقيق تقدم ملموس». وأضاف إسماعيل لـ«الشرق الأوسط» أن دول جوار السودان تحت ضغط ما تعانيه من أزمات نتيجة تدفق النازحين إلى حدودها، فضلاً عما يسببه استمرار الأزمة من تداعيات سلبية على الوضع الأمني والإقليمي، «باتت تتحرك بوتيرة أسرع، وتبذل مزيداً من المساعي (التي وصفها بالحميدة) من أجل الإسراع في إنهاء الأزمة».

اتصالات وثيقة

حول قدرة دول جوار السودان على تقديم حلول قابلة للتنفيذ على الأرض، أشار رئيس حزب «التحالف السوداني» إلى امتلاك عديد من دول جوار السودان اتصالات وصفها بـ«الوثيقة» مع طرفَي الصراع، بما فيهما قوات «الدعم السريع»، مشدداً على أهمية أن تكون لدول جوار السودان «آلية تنفيذية لمراقبة أي وقف إطلاق للنار على الأرض لتفادي الثغرات التي عانت منها الهدنات السابقة»، مؤكداً «قدرة دول جوار السودان على توفير تلك الآلية، خصوصاً في ظل وجود قبول من جانب أطراف عدة لدور تلك الدول في حلحلة الأزمة».

وعدّ إسماعيل الدور الإنساني الذي يُمكن أن تقدمه دول جوار السودان «أحد ضمانات نجاح مساعيها»، مشيراً إلى أن دولاً، مثل مصر وإثيوبيا وتشاد، لديها اتصالات بالمؤسسات الدولية المعنية، ويمكنها تقديم إغاثة سواء للمتضررين داخل السودان، أو للنازحين إلى أراضي دول الجوار.صورة جماعية للمشاركين في «قمة جوار السودان» بالقاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تقدم ملموس

ولم يختلف مبارك الفاضل، رئيس حزب «الأمة» السوداني، في إبداء تفاؤله بقدرة دول جوار السودان على إحداث «تقدم ملموس» بشأن حلحلة الأزمة التي دخلت شهرها الرابع، لكنه رهن القدرة على تحقيق ذلك التقدم، خصوصاً في أعقاب إقرار وزراء خارجية دول جوار السودان خطتهم الثلاثية بما وصفه بـ«خطوات ميدانية على الأرض». وعدّد الفاضل تلك الخطوات، بادئاً من المحور الأمني، إذ يرى أن وقف حالة «الانفلات الأمني» يُمكن أن يكون «فرصة سانحة لإنهاء القتال عبر إقناع مَن تبقى من القيادات الميدانية بإلقاء السلاح مقابل الحصول على ضمانات من جانب القوات المسلحة».

بينما عدّ رئيس حزب «الأمة» السوداني، «وقف تهريب الأسلحة عبر الحدود واحداً من ضمانات نجاح المساعي التي تقوم بها دول جوار السودان»، مشدداً على أن التهريب يجري في مناطق بتلك الدول، وتدفق مزيد من الأسلحة «يفاقم الأزمة ويطيل أمد الصراع».

جويرى الفاضل أن العديد من دول جوار السودان «تمتلك القدرات السياسية واللوجيستية القادرة على مساعدة السودان في إنهاء الأزمة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن تلك القدرة «لا تقتصر على الجوانب الميدانية فقط، لكن عبر اتصالات سياسية لها (تأثير جوهري)».

الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى