مقالات

التداوي بالموسيقار محمد الأمين..!!

كتب : عبد اللطيف ضفاري

و.. عندما كنت برلوما في سنة اولى محمد الامين، كنت اظن ان نسبتي العالية التي حققتها في مدرسة محمود عبدالعزيز التي بلغت حينها 99٪ في امتحانات الشهادة (الحواتية) ستشفع لي عند دخولي لجامعة محمد الامين كلية (الهندسة الموسيقية) وستجعلني اول الدفعة في (الاستمتاع) بالمحاضرات التي يقدمها محمد الأمين الذي ما اجتمع هو وحفل الا وكان الـ(فُل سوت) ثالثهما، لم اره يوما واحدا يقف على (قاعة محاضراته) وهو يرتدي قميص وبنطلون فقط، فقد فُل سوت في كل شيء، عندما يغني اسمر كنا نرى كلمات الاسمر ترتدي البدلة والكرافتة لحنا، كان محاضرا وليس فنانا، ومن اليوم الاول شعرت ان شهادتي الحواتية وحدها لا تكفي لاكون مؤهلا للاستماع لـ(محاضرة) قلنا ما ممكن تسافر، التي يحتاج سمعها لشخص يجيد اللغة الوجدانية الفصحى، تحدثا وكتابة حتى يفهم كيف ان (الساعة جنبك تبدو اقصر من دقيقة، والدقيقة وانت مافي مُرة ما بنقدر نطيقا)، ولو كان محمد الامين في اي مكان خلاف السودان لتم تصنيف هذا المقطع ضمن اكتشافات البترول، فهو لا يقل عن (خام بيرنت) من حيث الجودة، ولاصبحت لديه محطات وقود (نفسي) يتزود منها الناس ببنزين (عيويناتك شراع لولي)؛ ولطبخ الناس بغاز (زاد الشجون)؛ ولاصبحت كل الشوارع مسفلتة بـ(بتتعلم من الايام)!!

دُراب
*رحل محمد الامين بجسده لكنه باقٍ فينا ما حيينا، نتاول يوميا وجباته الغنائية الـ(منقذة للحياة)!!
*عندما يغني ابواللمين تشعر انك المخاطب باولاد اب جويلي، فتجد نفسك مكبلا وعارضا فانت سالم الارباب!!
*محمد الامين كان مستشفى غنائية متكاملة، حيث كنا نتداوى باغنياته في الغربة، فما ان تشعر بحنين للوطن مصحوبا بارتفاع درجة حرارة الشوق، فالروشيتة هي سماع (يا يوم بكرة ما تسرع تخفف لي نار وجدي) كل ستة ساعات!!
*الوحيد الذي كلما احتجناه وجدناه، لم يخذلنا في حوجة نفسية، فهو يحرص على ان تكون فترة صلاحية اغنياته (مدى الحياة)؛ لذلك توارثناها جيلا عن جيل!!
*اي خرطوم هذه التي ستصلح للسكن وهي بلا محمد الامين ولا كبري شمبات!!
*سيدي محمد الامين عندما خرجت في رحلتك العلاجية تركت العاصمة مثلثة ورحمة الله بك انه اختارك الى جواره وانت لا تدري ان العاصمة تحولت من مثلثة الى (ملشلشة)، تحولت ام درمان الى (اشلا مان)؛ واصبحت الخرطوم هي (الموت بالكوم)؛ واصبحت بحري هي (حصري) للدعامة!!
*رحلت وودمدني التي اشتهتها روحك اصبحت عاصمة الابتزاز الاولى، وانت الذي كنت تتمناها عاصمة ارتكاز لكل شعب السودان!!
*رحلت ونحن نعيش الـ(خمسة سنين) مع ثورة ديسمبر المجيدة ودرب الريد معاها اخضر، خمسة سنين ونحن متمسكين بثورتنا كل يوم اكتر، بعد ان رأينا (سنين) العسكر، وكيف انها ما بتتشكر!!
*ترك لنا العسكر يا سيدي محمد الامين واحد وعشرين اكتوبرنا وفرزو عيشتهم بخمسة وعشرين اكتوبرهم، فكان اكتوبرنا اخضر، واكتوبرهم عسكر هدم الكبري وكسر، اكتوبرنا انضر واكتوبرهم كل يوم (اخسر)!!

روّاب
باذن الله نشوفك بُكرة في (الكوثر)!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى