مقالات

طارق مضوي يكتب : المطلوب من الحكومة القادمة

كيف هو السبيل للخروج من الاشكالات التى تعيق بناء الوطن؟

اعتقد انه سؤال يؤرق كل السودانين صالحهم وطالحهم. فعلى اقل تقدير، الطالح أيضا يحتاج لوطن يعيش فيه، فمابالك بالصالحين. اذا على المدى الطويل، من دون وطن لا صالح ولا طالح سيستفيد من قصر النظر والجدليات حول المنهج او قانون الاسرة، على النقيض تماما، الوطن يحتاج لنظرة طويلة الامد من خلال اهداف واضحة ووضع مراحل لقياس تدهور او تطور تلك النظرة مطلب جوهرى. من خلال الوضع الحالى نفهم جيدًا معنى ( الشيطان فى التفاصيل) او بالاحرى الشيطان يصنع تفاصيل غير منسجمة للتضليل. ليس هنالك مشروع لوطن دون العمل على بناء اهداف طويلة الأجل ومن ثم تحول لأولويات مرحلية.
ان بناءً الديمقراطية مشروع كبير ومستمر ودائما ما يحتاج لمراجعات، اذا الديمقراطية ايا كان وضعها الان تمثل نقطة انطلاق يجب العمل على تطويرها وليس وأدها للبحث عن بدية صحيحة. فالديمقراطية الان يمكن ان تستوعب كهدف مرحلى و تطويرها هو الهدف طويل الامد. و هنا تظهر أهمية تحديد الجدل الأسمى مقابل الجدليات الهدامة.
اذا دعنا نتسأل، ماهى معوقات تطوير الديمقراطية وتحسين الوضع الحالى، هل هو معاش الناس، عزل و محاسبة رموز النظام السابق ام الحرب على الحدود. اذا تجاهلنا كل القضايا الاخرى التى تفتح ابواب من الاختلاف اكثر من الاتفاق لأنها خلافية بطبيعتها.
بالطبع سيقول قائل، جميعها بحسب النفس البشرية التى ترغب فى الحصول على حلول لكل الإشكالات على وجه السرعة مغالطا قانون البناء الكونى وهذا عيب أخبرنا عنه الله تعالى بشكل مستمر وأمرنا بالكثير من الصفات ومنحنا من الادوات المساعدة لإحداث التغيير من خلال التفكر فيها.
هذا من المفترض العامل الأهم والفارق فى التمييز بين العامة والقادة، اذ ان المسؤلين عليهم مسؤلية تحليل الاشكالات وتحويلهما الى أولويات تتماشى مع رؤية تقود لتجاوز جميع الإشكالات. المتوقع من المسؤل ان يحلل معضلة معاش الناس وان يحدد بشكل دقيق امر او امرين ذات الأثر الاكبر فى تحسين معاش الناس ويحولهما لهم وطنى. مثلًا، اذا اعتبر ان الوقود امر فى اعلى ترتيب الأولويات، عليه ان يبنى إستراتيجيته على ذلك حتى يحقق الهدف من توفر الوقود بشكل مستدام. من المهم ان لا يضع كل المشاكل التى تعيق تحسن معاش الناس كأولوية متناسيا الهدف الأسمى الا وهو إستمرارية الوضع الديمقراطي الذى يتطلب نجاحات صغيرة مستمرة، وليس تحسن لحظى على كل المستويات ومن ثم تحدث انتكاسة.
اذا أخذنا مثال اخر، هل تحدى بناء سد النهضة أولى من استعادة الحدود؟ هل سيتوقف بناء السد باستعادة الحدود، ام هنالك مصلحة محددة من بناء علاقات سواء ان كانت جيدة او لا مع إثيوبيًا. السياسى الفطن ايا كانت النتيجة التى يتوصل اليها، يجب ان تضمن استمرارية الاهداف التى حددها فى معاش الناس، وكذلك فى المحاسبة لرموز النظام السابق والعدالة. العمل بتلك الطريقة يمنح الدبلوماسية خريطة طريق واضحة للعمل من اجل الوطن، مقابل الطريقة المستخدمة الان المتمثلة فى الحركة دون رؤية ودون معرفة ايا من المعسكرات تستطيع ان تخدم المصلحة الحالية لاكنها ايضا ستنجح استراتيجيًا على المدى الطويل.
ان تناول جميع القضايا الان ومحاولة حلها مضر بالديمقراطية فى المقام الاول، ومن ثم تحميل الشعب مسؤلية المحافظة على الديمقراطية لحل كل العقبات لهو امر غير صحيح ويصب فى مصلحة الديكتاتوريات.
هذا تحليل مطلوب و مسؤل منه رئيس الوزراء واعضاء حكومته القادمة، اذ عليهم تقديم تلك الروية بشكل يساعد الشعب للوقوف من خلفهم، والاهم من ذلك ان يستطيع من سيخلفها ان يستمر عليه. وعلى الحكومة التوقف عن الحديث بشكل لا يعطى تفاصيل مقنعة للشعب ولايمكن تحقيقها، فمن المستحيل ان تستطيع اى حكومة يتم تكوينها الان ان توفر الوقود ، الخبز، الدواء والانترنت، لذا عليهم ان يحددوا ماهو الامر الحيوي الذي يستطيعون توفيره لنتعايش معه حتى الاكتفاء ومن ثم نسعى لتحقيق التالى.
للأسف، بعيدا عن هذا الطرح الذى يمكن ان يساعد ديمقراطيتنا الناشئة، تجدنا الان حتى البشريات بتشكيل الحكومة والرغبة فى مساعدتها يقتل بالتصريحات والوعود الجوفاء التى تجعلها غير مرغوب فيها قبل بدايتها. بالله عليكم شكلوا حكومة و أوقفوا عبارات سنعبر، خلونا نحدد سنعبر ماذا ونعمل مع بعض لنحقق ذلك العبور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى