مقالات

ايمن كبوش يكتب : ما بين الناشر وسلطة رئيس التحرير..

قلت له: إلى وقت قريب من تاريخ صحافتنا الرياضية.. اعزها الله وسدد خطاها.. او عندما كان (الزمان جد مبتسم والليالي جميلة حالمة).. كان لناشري هذه الصحف اليومية، هيبة وسطوة ووقار اقرب الى القداسة التي تجعلهم يفرّقون كثيرا بين ما لقيصر لقيصر وما لله لله.. لم يكن (الناشر) وقتها.. وللكمة صدى وبريق، متاحا على ذلك النحو الذي يجعله يتدخل بسفور يغطي به على (احترام) السيد رئيس التحرير.. كان (الناشر) هو (سدرة منتهى) الحلول والتدخل الاخير.. قبل ان يتحول (الناشر اليوم) الى حارس البوابة الاول الذي تمر عبره كل المواد المعدة للنشر.. ليمارس عليها دور الرقيب وضابط الامن الذي يطبق على الصحيفة عملية (الرقابة القبيلة)… بينما يجلس رؤساء التحرير (المفترضين) تحت بند الادوار الثانوية التي لا تتعدى مراجعة (نعي) الوجيه فلان.. او (تهنئة) رجل الاعمال علان بالالوان.

لقد عشنا ذلك الزمان الذي كان فيه الناشر (محترما)… والصحافي اكثر احتراما منه لمهنته… لا يسمح بالتدخل ولا بالانضمام لجوقة (يس مان) التي صار لها الان (عقد اذعان) يعطي الناشر حقا في مراجعة الاخبار… وكتابة خطوط الصفحة الاولى… والتدخل المباشر فيما يكتب في اعمدة الرأي.

قبل يومين اثنين.. كنا نناقش مع مجموعة من الزملاء، ذلك الخبر (الضجة) الذي نُشر على موقع (خبر) باسم الزميلة النشطة (ناهد بشير)… انقسم المناقشون ما بين مؤيد ومعارض.. ولكلٍ حيثياته المعضدة التي يراها من منظوره الخاص… ولكنني اكتفيت بالقول ان الخبر المذكور، بحسابات التوقيت والمصلحة التي يمكن ان يحققها، سواء كانت مصلحة عامة… او خاصة، فانه يؤكد بجلاء… انتهاء سلطة رئيس التحرير الذي كان يتباهى في كثير من المحافل العامة… بانه يملك (سلة مهملات) عامرة الى اخرها… بما لذ وطاب من اجتهادات المحررين والمحررات ولكن…

لم تعد لدسك التحرير سلطة في زمن الاعلام البديل… والسوشيال ميديا التي انتهكت عذرية الرقابة واغتالت شرف المهنة.. فجعلت من رئيس التحرير، مجرد (محولجي في الادارة العامة لساقية جحا التي تشيل من البحر وتكب في البحر).

بالامس، اضحكني لدرجة الهياج، رياضي شاب، حينما قال لي: كتبوا عني خبرا يقول كذا وكذا ارادوا به الفتنة.. وعندما سألت رئيس التحرير قال لي بالحرف: (الخبر ده اداني ليهو فلان.. وفلان هذا هو ناشر الصحيفة وصاحب امتيازها.. اداهو الخبر الصحفي الذي كان يجلس معكم في بيت العزاء).. فقلت له يا عزيزي الفاضل.. ان خبرا مثل هذا.. اذا كان كاتبه الذي كتبه ونشره في الصحيفة المعنية (مجنون) او (معتوه).. فينبغي ان يكون قارئ الخبر عاقل.. عاقل.. عاقل.. ضحكنا ثم افترقنا..

ما دار بعاليه ذكرني بناشر صحيفة (المشاهد الرياضية) الاخ الحبيب صلاح احمد ادريس الذي فاجأني يوما بالقول: (طالما الناس كلها عايزة تكتب في الصفحة الاخيرة… فيا اخي عمودي ده وديهو لي صفحة اتنين).. وصفحة اتنين عند الصحفيين هي المساحة المهملة التي لا تقع عليها عيون المتصفحين… فقلت له: (يا ابا احمد.. صحيح انت الناشر ولكن عمودك ينزل وين.. دي سلطة رئيس التحرير)… وقد كان… !! اين نحن الان من ذياك البريق.. الرحيق ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى