مقالات

النذير عبد الرحيم يكتب : سلاح المُستنفرين ..هل هو سلاح الجيش ؟

يتحاشى منبر جدة طرح سؤال محوري عن تسليح المُستنفرين إذ يعتقد الجميع ، وسطاء ومراقبين أن هذه المجموعة تقع ضمن مسؤوليات الجيش وهذا الإفتراض صحيحٌ وخاطئ .

هو صحيح في أن الجيش استعان بهم لتعويض نقص المشاة وقام بتسليح عددٍ مقدر منهم وقد تابعنا وجود عددٍ من كتائب الإسلاميين منذ الساعات الأولى لإنطلاق المعركة إذ تسابقوا لنشر مقاطع الفيديو بسرعةٍ شديد كما يفعل هواة رحلاتِ الصيد وهذا منافي لأبسط قواعد التأمين إذ أصبحت هذه الفيديوهات المتداولة دليلاً دامغاً على مشاركةِ الإسلاميين من اللحظةِ الأولى وليس عقب الاستدعاء .

ضعف التأهيل الأمني وعقليةُ المَغنم لدى الإسلاميين هي التي جعلتهم يوثقون بأنفسهم اشعال الحرب لأن مقاطع الفيديو هي دليلٌ على وجودك في المعركة التي ستنتهي بعد ساعات بسحقِ الدعم السريع ومن ثم تصفيةِ الاتفاق السياسي الإطاري عبر تحميل المسؤولية بالكامل لقوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة وبالتالي تصفيةِ قياداتهم أثناء المعركة والزج بالآخرين في السجون والعودة إلى كراسي السلطة المُشتهاة .

هذا هو الجانب الصحيح من أن المستنفرين لابد هم تحت مسؤولية الجيش ، أما الخطأ هو أن الجيش يُسيطر عليهم بالكامل ويوجههم حيث يريد ، لأن الصحيح أنهم هم من قام بتوجيه الجيش لمعركةٍ لاتخصه ولم يُكن يرغب فيها وأوضحت مجريات الأحداث أنه لم يكن مستعداً لها أصلاً .

السؤال المهم هنا هل المستنفرين تحت إمرة الجيش حرباً أو سلماً ؟ الإجابة معروفةٌ وواضحة لكل صاحبٍ عقل ، في الحقيقة هم مع الجيش فقط إذا قَرر المواصلة في ” حربهم ” وهم ضده إذا قرر أن يجنح إلى السلم وينخرط في عمليةٍ سياسية توقف الحرب لأن المرجو من الحرب لم يتحقق حتى الآن وهو تصفية الخصوم والعودة إلى الحكم وفي سبيل ذلك هم مستعدون للمضي قُدماً في الحرب إلى مالا نهاية شعارهم :

فَلتُرق منهم دماء

أو تُرق منا الدماء

أو تُرق كل الدماء

وعلى وقع هذه الأناشيد المُدمرة تربت أجيال الحركة الإسلامية وتسلحت في استعدادٍ لمعركة صفرية تجعل يد الإسلاميين هي الأعلى أو تَحترق البلاد .

تابعنا جميعاً المشهد المُذهل لجموع المُستنفرين في قاعدة وادي سيدنا وهم يهتفون في وجه القائد العام للجيش بطريقةِ ” مشجعي المساطب الشعبية ” في ملاعب كرةِ القدم بينما القائد العام يجادل جاهداً أن يُمرر لهم فكرة ضرورة العودة إلى منبر جدة من أجل حفظ البلاد ، إلا أنهم كانوا يهتفون : لا لا فك اللجام ، كأن لجامهم أصلاً بيده ، ولو كان لجامهم بيدهِ لما هتف جنودٌ في وجه قائدهم مُخالفين بذلك الدرس الأول في مسالك الجندية .

قضيةُ سلاح المستنفرين وجموعهم ليست في يد الجيش السوداني لوحدهِ لأنها مسؤولية الجميع ، مسؤولية أهل السودان في المقام الأول ويجب أن يعلم بها الوسطاء أيضاً لأن ترك أمرهم للجيش هو هروبٌ من مشكلةٍ تخص الجميع وهي وثيقة الصلة بإستقرار البلاد عقب الاتفاق الشامل .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى