مقالات

مصعب مضوي يكتب : جرد حساب الوثيقة

عام مضى علي التوقيع علي الوثيقة الدستورية المعيبة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، والتي جاءت نتاج لثورة عظيمة ضحى فيها الشباب بالأرواح لأجل غدٍ أفضل هاهو العام يمضي وكل يوم تُخرق الوثيقة رغم عيوبها وضعف بنودها لم يتحقق منها شئ..
بالنظر إلى ماتحقق حتى الآن من المطالب التي لأجلها قامت ثورة ديسمبر المجيدة التي أقتلعت حكم الأنقاذ، نجد أن النتيجة صفر كبير لم ينجح فيه أحد لم يتحقق السلام حتى الآن والذي قالت الوثيقة الدستورية انه سيتحقق في موعد أقصاه ستة أشهر وظلت الحركات المسلحة والتي سُميت لاحقاً(حركات الكفاح المسلح) تتبع ذات النهج القديم في المماطلة والبحث عن المناصب والمخصصات وأبتزاز حكومة الثورة في القبول بعلمانية الدولة أو حقق تقرير المصير كما قال عبد العزيز الحلو مازال نازحوا دارفور لم يراوحوا مكانهم المعسكرات كما هي خوف وجوع ونقص في الأنفُس توقع الكثيرين أن التفاوض لن يكون إلا لأيام داخل الخرطوم لأن الجميع شركاء في الثورة ولم يعد هنالك مايمنع تحقيق سلام عادل منصف يعالج جزور الأزمات المتراكمة لأن الأنقاذ التي ظلت تعرقل السلام وتخلق الحروب ذهبت بلا عودة إذاَ ما الذي يمنع ومن الذي يمنع؟
القوي السياسية كذلك ظلت في ضلالها القديم وما إن تشكلت الحكومة الأنتقالية فوراً ظهرت المشاكسات الحزبية في الترشيحات الوزارية والوظائف الحكومية، ينسحب حزب الأمة ثم يفرض شروطه للعودة ويرفض حزب المؤتمر السوداني المشاركة في الفترة الانتقالية ثم يتراجع ويبحث عن مناصب لمنسوبيه في الوقت بدل الضائع سيطر الحزب الشيوعي على تجمع المهنيين السودانيين واصبح التجمع عبارة عن حزب سياسي وليس تجمع نقابي يُعنى ببناء نقابات مهنية بعيدة عن الأحزاب السياسية ولم يستطيع طوال العام إجراء أي انتخابات نقابية لأي من مكوناته او حتى طرح قانون نقابي بموافقة الجميع وبرز الخلاف داخل التجمع على السطح وخزل بذلك التجمع الثوار الذين راهنوا عليه في قيادة البلاد بعيداً عن الأحزاب السياسية الخرِبة …
عام مضى ومازال العسكر في طغاينهم يعمهون إذ لم يتحقق من الأمن الحد الادني وقد تمسك المجلس العسكري بالمشاركة في السلطة لحماية البلاد كما قالوا وحفظ أمنها وهاهي أطراف البلاد تتمزق بالقتال القبلي شرقاً وغرباً ومازالت حلايب محتلة وأعتداءات القوات الإثيوبية على الحدود السودانية مستمرة وشركات المنظومة الأمنية لم تدخل على ولاية وزارة المالية حتى الآن، لم يعتذر الجيش على ماحدث أمام بوابات القيادة العامة عشية فض الاعتصام يوم أن أستجار بهم الثوار ولم تفتح لهم أبواب القيادة التي ظنوا انهم بأمان أمامها ولم تاتي لجنة(أديب) بحقهم حتى الآن …
مضى العام والوضع المعيشي قد إزداد سوءً والغلاء يطحن في البسطاء وليس هنالك من يكبح جماح الأسعار التي أصبحت لا تطاق وقد وصلت سعر الدولار الأمريكي في السوق السوداء إلى 170جنبهاً لم تنفع فيه لجنة (حميدتي) الأقتصادية ولا حلول (حمدوك) الفاشلة حتى الآن مضى العام وقد فقد (حمدوك) التأيد الكبير الذي حظي به منذ توليه قيادة مجلس الوزراء وقد أصبحت تغريدات الرجل محل سخرية وأنتقاد كل المعلقين فلم يعد هو ذلك المنقذ الذي لطالما تعلقت فيه الآمال بغدٍ أفضل لسودان أجمل، اطلعت على خطاب السيد رئيس الوزارء بمناسبة مرور عام على توقيع الوثيقة الدستورية وكأنه تم تعينه الان لم يجد الرجل اي انجاز واكتفى بأكبر إنجاز يراه وهو تعيين الولاة المدنيين…
عند جرد حساب هذا العام والذي حسب المعطيات والحقائق والأوضاع عام خاسر لكن لن نتقاسم نحن الخسارة مع الحكومة كما يحدث في التجارة فقد سُلمت هذه الحكومة ثورة كاملة الدسم بعد إسقاط الإنقاذ لذا على هذه الحكومة تحمل الخسائر وحدها والشعب الذي يملك رأس المال (الثورة) قادر على صناعة قادة جدد بعيداً عن فتنة الأحزاب وتسلط العسكر، عليكم أن تخافوا هذا الشعب وكل الأسباب التي تجعله يثور من جديد أصبحت متوفرة…

لم تفشل الثورة فهي ليست قابلة للفشل لكن فشلت حكومة الثورة في تحقيق الحد الأدنى من المطالب وفشلت الأحزاب السياسية في أن تعمل لأجل الوطن لمرة واحدة في تاريخها وفشل العسكر في مهمتهم الوحيدة حفظ أمن وحماية هذا الوطن…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى