مقالات

مغالطة رجل القش البقول كش 1-3

بقلم : أنس الحبيب

يمكنك أن تدين الحركة الإسلامية في السودان بالعديد من الممارسات السالبة و الدموية التي شهد بها التاريخ و أبناءها ايضا… و يمكنك ان تختلف مع فكرها جملة و تفصيلا لكن ليس من الإنصاف أن تقول لم يكن لديها فكر.. فزعيمها حسن الترابي شكلت افكاره علامة فارقة في تاريخ السودان و تاريخ المنطقة فالرجل مفكر لا غبار عليه من حيث الوظيفة لكن افكاره و منهجه قد لا تتفق معهم و هذا حقك.
فخريج السوربون صاحب ايدلوجيا متكاملة غيرت تاريخ السودان تماما و كان يمكن ان يتغير تاريخ مصر نفسها لو ان رصفائه المصريين قبلوا نصحه يومها بعد ثورتهم حين قال لهم لا تهجموا على جهاز الدولة كله فيتحد الكل ضدكم.. لكن نشوة النصر اعمتهم.. كان الترابي يومها يتخدث بواقع تجربته التى سماها (التمكين) و الرجل بارع في دلالات التأصيل و هو يقتبس من قوله تعالى(و الذين إن مكناهم في الأرض) ليجعل مشروعه السياسي كأنما هو امر رباني فتصبح مخالفته معصية لا معارضة سياسية..
ما ساقني لهذه المقدمة هو ما وصل إليه حال الحركة الإسلامية اليوم بعد ان وصل سدتها كرتي و احمد هارون.. و ألتقط قفاز مفكريها عمرو صالح ياسين..
و الأخير يتعامل مع الامر كانما هو مناقصة لتوريد معدات إضاءة تدخل فيه شركته هو و اخيه بدون منافسة كما كان يحدث في عهد الانقاذ.
فعمرو يتخذ من دعم الجيش في معركته ستارا لقيادة الحركة الاسلامية فكريا بدواعي ان لا كلمة تعلو فوق كلمة الدولة الوطنية..
و الدولة الوطنية هي اصلا مفردة غير موجودة في ايدلوجيا عمرو و الحركة الاسلامية لكنه هنا مجرد شرط في مناقصة الساعة..
فالحركة الاسلامية الاستراتيجي لديها هو فناء الدعم السريع ليس لأنها ضد قحت.. بل لأن عملية الدمج ستنتج جيش محترف غير الموجود حاليا… و ايضا دعاوي قحت بان الجيش يسيطر عليه الاسلاميين هي تضخيم و استخدام لفزاعة النظام السابق. يسيطر تنظيم الاسلاميين على مجموعات داخل الجيش لكن سيطرتهم تعرضت لهزات عديدة و ان لم يفقدوها تماما لكن تقاليد المؤسسة العسكرية تحجم حركتهم طالما افتقدت الغطاء السياسي..
المعركة الان هي معركة استمرار الوضع المشوه للسودان من 56 أو بداية وضع جديد..
فوضع السودان المشوه هو مشابه للوضع المصري بعد انقلاب 52..
فالأصل في الدول ان يكون لها جيوش..
لكن الوضع الان هو ان الجيش لديه دولة.. هو أكبر منها و يتحكم بها..
فبناء جيش وطني جديد تحت ظل الدولة بعقيدة قتالية جديدة و هذا ما كانت ستنتجه عملية الدمج.. امر غير مرحب به في المنطقة..
لذا تلاقت جهود الجميع في الجوار بالدفع بالأطراف إلى الحرب..
و كما تقف مصر مع الجيش يقف معظم الخليج مع الدعم السريع فقط تتفاوت درجة وضوحهم..
و هذا ليس بجديد فقد تكرر الامر في سوريا..
فقطر جاسم سلطان تلقي بفلذة كبدها في أتون الصراع..
فكلما هدأت نار الحرب زادوها..
و لا مانع من إستخدام بعض المفردات الأكاديمية الانيقة لتوصيف الصراع و دق الطبول..
و دمغ كل من يقول لا للحرب بموقف العمالة..
و هل من عمالة اكبر من ان تشجع اطلاق الرصاص في عاصمة بلادك.. ليس لأن الاقاليم غير مهمة.. بل لأنك تستهدف فناء الدولة نفسها..
فالحرب لديها خياران..
الأول أن يجلس الطرفان للحوار..و هنا لماذا لا نضغط بأن يجلسوا اليوم قبل ان يستفحل الدمار؟
و الثاني ان يبيد طرفا الأخر.. و فاتورة الإبادة هذه ستدفع ثمنها البنية التحتية لبلادنا..
مشجعي الحرب و قارعي طبولها بعضهم بوعي و آخرون ردة فعل الاورغازم عليهم ان يعلمو ان المستهدف من المعركة ليس قحت و لا البرهان و لا حميدتي.. المستهدف ان يتراجع اقتصاد السودان و تصبح موارده و ثرواته في المتناول.. فالحرب الاوكرانية غيرت قواعد اللعبة و اصبح الأمن الغذائي سيد الموقف..
فيا عمرو..
كل امر المؤمن خير و لا مرد للقضاء..
و كله قضاء و (قطر).
و نواصل في تفنيد مغالطات فتى جاسم سلطان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى