مقالات

أيمن كبوش يكتب : مصر يا اخت بلادي…

قلت له سابقا: انني استغربت جدا.. وازددت استغرابا.. عندما قال لي محدثي بأن “ملعب السلام” الذي اختاره نادي الأهلي المصري مسرحا للقاء الهلال السوداني.. يبعد عن قلب العاصمة المصرية القاهرة بمئات الكيلومترات.. يقع الملعب في منطقة نائية وبعيدة.. قوامها من سكان الدرجة الثالثة إن جاز التعبير.. قياسا بسكان المناطق الأخرى في قلب العاصمة.. مصر الجديدة والمهندسين أو ما تسمى بالأحياء الراقية.. سألت نفسي.. لم اختار الاهلي هذا الملعب.. وما هي مميزاته والجهات الأمنية أساسا لن تسمح بدخول أكثر من 15 ألف متفرج، ثم ازداد استغرابي.. عندما علمت بأن النادي الاهلي استحوذ على الملعب المذكور أعلاه بعقد منفعة يمتد لعشرات السنوات مقابل ملايين الجنيهات.. في طريقنا إلى ملعب السلام في ذلك اليوم.. كنت أستدعى هذه “الكلمة” التي جيرها السودانيون لصالح الفقراء والمساكين والمتشردين والمبعدين من “سنتر الخرطوم” والمدن الكبرى الأخرى.. قذفت بهم السلطات، سكان مدن السلام المختلفة، إلى ضواحي المدن في كل الولايات.. وبلا أدنى خدمات تحفظ كرامة الإنسان.. من مياه صحية نظيفة.. وكهرباء وطرق معبدة تسهل الانتقال بين وسط المدينة.. وأطرافها المنسية ولكن… كلما ابتعدت بنا العربة عن قلب العاصمة القاهرة… كانت المفاجأة في أن الحداثة تتمدد أمامنا.. ونراها في ذلك الأسفلت اللامع الذي شيد بحب لا بمزاج اللصوص الذين يشيدون الطرق في السودان.. وهناك الكباري المتناثرة هنا وهناك في أعالي الطريق الدائري متعدد المسارات.. ونحن بدورنا كنا نحشد الأسئلة امام السائق فيجيبنا بفخر لا يمل، عن منجزات بلده وعزم حكومته على الإضافة وجديتها في النهضة والتغيير والتعمير في عهد عبد الفتاح السيسي.. فيقول لنا: هنا سوف يصل خط المترو خلال الأيام القادمة.. ومن هنا سيكون الوصول الى المطار بعد دقائق معدودة و.. و.. إلى أن وصلنا إلى “ملعب السلام” دون أن تختفي خدمة الإنارة من الشوارع طوال مدة الرحلة التي تجاوزت الساعة.. واكتشفنا بأن خدمة البنى التحتية الموجودة في القاهرة.. هي ذاتها التي يستمتع بها انسان “حي السلام”.

وددت أن أقول إن الشعب المصري أحدث تغييره بنفسه وأقام ثورتين لكي يعمر بلده ولم يشغل نفسه كثيرا بالانتقام من أحد حيث كانت العدالة تسير جنبا إلى جنب مع التخطيط والرؤى والأهداف والمشروعات.. لأن هناك.. توجد حكومة لها رؤية تخطط وتعمل وتجتهد ولها في كل حارة عرق.. وفي كل مدينة منجز يستهدف خدمة الإنسان.. لذلك لا يوجد في مصر من يتحدث عن الصفوف.. لا في الوقود ولا في الغاز ولا في المواصلات العامة.. بل إن المواصلات هنا تنتظر الناس لتقلهم إلى حين يريدون سواء أن كانت هذه المواصلات قطارات أو مركبات عامة.. علاوة على أن الحكومة لديها ما يشغلها وتشغل به وقتها في تبني مشاريع عملاقة وإيجاد فرص ممتازة في كل المناحي، اما حكومتنا – أعزها الله – فالحمد لله ليس لديها شيء يشغلها رغم الصفوف في كل شيء ولكنها مشغولة بإنجاز “العدالة الانتقائية” وتغيير المعالم والشكليات وتعليق صورة الوزير الجديد وإحراق لافتة الحزب العنيد..

لا يهم من أمر حكومتنا للأسف الشديد شيء.. سواء وجد سكان الكلاكلة المواصلات التي تنقلهم إلى الخرطوم وبالعكس.. أو استغل “شفاتة” الحاج يوسف والأمبدات أقدامهم المغبرة بكتاحة السير الطويل والأمنيات التي لا تأتي.

تخرج الخرطوم اليوم بل كل مناطق السودان لممارسة الفارغة والمقدودة والتظاهر من اجل اللا شيء.. بينما قفزت مصر بعد الثورة الى المراقي التي تتجاوز تصورنا… ولكن ما مناسبة كل هذا الذي اقوله غير هذا الهلال الذي هبط ارض مصر ليؤدي لقاء الاياب على ارض هي ارضه… ووسط شعب هو شعبه… سنعود الى مصر بذات الاشواق وذات الحضور الذي يصنع الدهشة ويصنع البهجة ويفتح ابوابا للاشراق.. نسأل الله ان يوفق الهلال في الترقي الى دور المجموعات.. والتحية للاخوة في السفارة المصرية في السودان بقيادة السفير حسام عيسى والقنصل احمد عدلي والمستشار طارق السعودي وكل طاقم القنصلية الذي يقدر الاعلام والصحافة بشكل خاص فيفتح الابواب ويشرعها على نغم (مصر يا اخت بلادي يا شقيقة)..

سنعود للسفارة الشعبية المتنقلة ما بين شمال الوادي وجنوبه، سعادة السفير اركان شعب، محمد حمزة الكوارتي.. ولادواره العظيمة التي تجري بيننا مثل جريان النيل العظيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى