إلى القارئ الكريم

هشام عبدالملك يكتب : قد يخرج الإنجليز اليوم أو غدا من بلادنا، وقد لا نجد أنفسنا أحرارا!!

نحن نقدر للأستاذ محمد حسن التعايشي دموعه الغالية، فهو شاب وطني يحب أهله وناسه، ولكنه أخطأ حين ظن أن في الحركات المسلحة خيرا، ولا أدري من الذي قرر أنهم يقودون كفاحا مسلحا، وبعضهم ما تزال سياراتهم وأفرادهم مؤجرة لأطراف متورطة في نزاعات إقليمية، لأنهم قادة حركات نهب مسلح بامتياز!!
علينا أن نعيد قراءة أقوال وأفكار الأستاذ محمود محمد طه، وأنا لست جمهوريا، لسبب بسيط، وهو أن الرجل كان يرى أمامه، ولم يكن ينظر تحت رجليه كما فعل الأزهري والمحجوب!! ففي الوقت الذي ارتمى فيه قادة ما تسمى بالحركة الوطنية في أحضان الطائفية المقيتة، إعتزل هو الحياة العامة، وقال قولته المشهورة، “قد يخرج الإنجليز اليوم أو غدا من بلادنا، وقد لا نجد أنفسنا أحرارا”، وهو ما حدث.. ويكفي أننا بعد أكثر من أربعة وستين عاما، ما زلنا نتسول لقمة الكسرة وجرعة الماء، في وطن يسمونه زورا وبهتانا، سلة غذاء العالم!!
في إحدى القرى التي تقع في وسط السودان، إجتمع الرجال ليقرروا ما عرف بزواج (الكورة)، من أجل تشجيع وتحفيز الشباب على الزواج، لكن أحد العقلاء، تحدث إلى المجتمعين بصراحة لم ينكرها أحد عليه، فقال لهم، ليتكم تذهبون إلى منازلكم، وتدعوا النساء للإجتماع بدلا عنكم، فقراراتكم التي سوف تصدرونها، لن تستطيعوا تنفيذها، وقد صدق!! ولو أن التعايشي كان قد إختصر الطريق، ودعا كفلاء الحركات المسلحة وحكومة الهبوط الناعم للإجتماع، تحت أي مسمى، فلنقل مثلا مؤتمر السلام السوداني الإقليمي، لحدث الإختراق المطلوب، وما كان ليستطيع أحدهم أن يقول (بغم)، من برهانهم إلى عرمانهم!! فبلادنا مخترقة أمنيا، وحكامنا مخترقون أمنيا، وأحزابنا مخترقة أمنيا، ولا يتشطرون إلا على بعضهم البعض، أو على الشعب!
أحد الصحافيين (الشفع)، الذين تسللوا إلى قصور الثقافة من سلم (الخدم)، إشتكى علنا من أن الناس يتهمونه بالعمالة لمصر، نعم هكذا، بينما هو في حقيقة الأمر يراهن على المواقف المصرية المؤيدة للسودان، وكأنه يتحداهم بقوله، إن سرية المظلات المصرية عند ما إحتلت مثلث حلايب، إنما كانت تدافع عن حقوق أهل المنطقة التي عانت الإهمال والتهميش، وأعتقد أنه سوف يكون صائبا لو قال ذلك!!
معظم الإعلاميين السودانيين يملكون شققا سكنية وإستثمارات في مصر، تحت بصر المخابرات المصرية، وأحيانا بمساعدتها، وحتى الذين يتحدثون عن تكوين حزب جديد يعبر عن أهداف الثورة، موجودون الآن في مصر، برعاية المخابرات المصرية.. بل أن بعض المصريين، يعملون مراسلين لصحف سودانية، ويقبضون بالدولار الحي، مقابل تقارير منقولة بالمسطرة والميزان من تقارير وكالات الأنباء المصرية، يقدمون فيها إسم بلادهم، على إسم بلادنا التي تدفع، ولا يجرؤ أحد على أن يقول لهم تلت التلاتة كم!!
المصريون يا سادتي الكرام قالوا إنهم أسيادنا، وجاء النور محمد حمد من أمريكا ليؤكد بالصوت والصورة أن المصريين إستعمروا السودان.. لذلك لم يكن غريبا ولا مستغربا، أن يتحالف الجمهوري مع الكوز، في حب مصر!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى