مقالات

دبلوماسية يونس محمود


فؤاد البكري / Sudan2day

يتذكر أهل السودان الذين عاصروا بدايات حكم الإسلاميين الانقلابي منذ 30 يونيو 1989 ، العميد يونس محمود رائد الدبلوماسيةِ ” الكيزانية” الأشهر وهي مدرسةٌ متفردة قائمةٌ على سب المجتمع الإقليمي والدولي كل صباح وبِفضل تلك الأحاديث النارية النابعةِ من عمق صندوق الراديو أصبح السودان يعيش في عزلةٍ مجيدة مثل دولةٍ قابعة في كوكبٍ اخر ولم تستطع كل جهود الدبلوماسية المهنيةِ من معالجة الجراح التي أحدثها ” الكولونيل ” إذاعي يونس محمود بصوتهِ الجهوري لأنه دائماً كان يتجاوز السياسة إلى سب الأشخاص والعائلاتِ الحاكمة في دول الخليج بينما يرتدي الزي الرسمي للقوات المسلحة السودانية .
عقب انقلاب 25 أكتوبر 2021 وعودة الحرس الإسلامي العتيد إلى سدة السلطة مرةً أخرى تم استعادة الأدوات القديمة في العمل الدبلوماسي وأصبحت الحكومة الانقلابية تنظم المسيرات المنتظمة لمقر بعثة يونتامس التي يرأسها ويقودها ” فولكر بيترس ” وأصبح منظر نساء إتحاد المرأة بزيهن المميز وقيادات الحزب المعروفة يقودون المسيراتِ الأسبوعية أمام مقر البعثة كل يوم سبت من ثوابت المرحلةِ الانقلابية المشؤومة ومع اندلاع الحرب التي اشعلها الإسلاميون أنفسهم انتقلت البعثة مثل بقيةِ البعثات ودواوين الحكومة إلى مدينةِ بورتسودان فأنتقلت الحركة الإسلامية خلفها بكل جهالاتها لتحاصر رئيس البعثة في احدى الفنادق حيث يقيم ، حتى ترك البلاد ومن ثم تواصلت الجهود الدبلوماسية لإلغاء البعثة نفسها وهو أمرٌ عمل عليه الإسلاميون منذ اليوم الأول .
في يوم انتصار المخطط ” الكيزاني ” بإنهاء مسيرة البعثة في السودان انطلق الزحف المُقدس لطرد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة وقد تم التمهيد لذلك بنشر مكثف لأحاديث الفريق أول ياسر العطا من منطقةِ وادي سيدنا العسكرية وتولى ” الكيزان ” وضع الحديث غير المسؤول في قوالب إعلامية عديدة وتسليمه لقنوات نشرهم المتنوعة حتى يصل لكل بيتٍ سوداني حتى مع انقطاع خدمة الانترنت وأتبع هذا النشر المكثف بمسيرةٍ هزيلة وهزليةٍ تحت حماية السلطة والأمن والتي يقودها القائد العام للجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وبالطبع الأجهزة الأمنية والعسكرية هي التي تستطيع التظاهر في زمن الحرب .
ومن كتاب ” الكيزان ” المكشوف ستتوالى المسيرات المناهضة لدولةِ الإمارات العربية المتحدة حتى تنتهي بطرد سفيرها من السودان ، لكن في رقصةِ الهياج هذه من يتوقف ليقول ماهي الفوائد المنتظرة من هذا الجنون ؟
وماهي مقدرة ” الكيزان ” الذين يحكمون جيوب قليلة في السودان على مواجهة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ودولةٍ وازنة ومؤثرة في الإقليم مثل الإمارات ؟ لديها تحالفات متشابكة ومعقدة مع الدول التي تحيط بالسودان .
بالطبع كل هذه الأسئلة لا تهم ، لأن الكيزان مدرسةٌ إبداعية في العمل الدبلوماسي أصلها العداء ولسان حالهم الشَتم والسباب والثمن دائماً يدفعه أهل السودان كما حدث طِوال ثلاثةِ عقودٍ من حكم الكيزان البغيض .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى